جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
شرح كتاب الآجرومية
142002 مشاهدة print word pdf
line-top
فائدة علم النحو

...............................................................................


نعرف أن المفعولات هذه بمعنى أنها منصوبة، إذا تتبعها عرف طالب العلم عندما يقرأ أو يكتب أو ينطق يستلزم أو يستحضر حكمها، أن حكمها النصب. على أي شيء نصبت؟ . أما إذا لم يكن عند بدء القراءة مستحضرا لموقع تلك الكلمات فإنه يقع في اللحن ويقع في الخطأ. فلذلك يقولون: إن من فائدة علم النحو هو السلامة من اللحن ومن الأخطاء اللغوية في كلام الله تعالى، وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم وكلام أهل العلم. وفيه أيضا فائدة وهي فهم المعاني؛ فإن الكثير من المعاني لا تفهم إلا إذا عرف وضعها، وعرف موضعها من الإعراب، وعرف كيفية النطق بها. وكذلك أيضا من فوائد معرفتها - يعني الإعراب كله - أن يعرف كيف الإملاء وكتابة الكلمات حتى لا يقع في خطأ إملائي أو نحوه.
وبكل حال.. معرفة هذا النوع الذي هو علم النحو تتوقف عليها أشياء كثيرة: فهم كلام الله وكلام رسوله وكلام أهل العلم، والسلامة من اللحن ومن الغلط، والسلامة من الخطأ في الكتابة وما أشبهها . كثير من الناس يكونون قد قرءوا هذه الأبواب كلها؛ ومع ذلك يشاهد عليهم أخطاء، ويوجد معهم لحن في القرآن وفي الأحاديث وفي قراءة الكتب. وإذا سألتهم أو ناقشتهم وجدت أنهم يعرفون الأبواب، ولكن ينقصهم التمرن على النطق بهذه الكلمات.
فإذن يتأكد فيمن عرف مثلا هذه الأبواب كلها؛ منصوبات الأسماء ومرفوعات الأسماء والأفعال وما أشبهها؛ يتأكد في حقه أن يقرأ، ثم يتفقد الكلمات التي يقرؤها كيف ينطق بها. أو يقرؤها على طلبة العلم الذين لهم معرفة بكيفية النطق، ثم يستمع إلى إجاباتهم إلى جوابهم أو إلى تقويمهم له، أو يكلفهم ويقول: أريد أن ترشدوني إلى الأخطاء والأغلاط التي أقع فيها؛ حتى أنتبه لها في المرة الثانية أو ما بعدها. فإذا أرشدوه وقالوا: أخطأت في هذه الكلمة محلها الرفع وأنت نصبت أو خفضت، انتبه لها بعد ذلك أو لما يشبهها.
لا شك في أفضلية هذا العلم الذي هو معرفة النحو وما يترتب عليه. ولذلك كانوا يحثون على البداءة به قبل القراءة في الكتب المطولة أو المختصرة؛ ليكون الإنسان على بصيرة ومعرفة بما يقرؤه أو بما يمر عليه. وكذلك ينهون أيضا عن التوغل فيه؛ لأن هناك من توسعوا في علم النحو وأفنوا فيه أعمارهم وجعلوه أكبر ما يبحثون فيه وصار هو شغلهم.
ذكروا أن كل إنسان يكون مهتما بما تخصص فيه في جميع مجالاته وكلماته ونحوها، ويظهر ذلك في علومه الأخرى. فقالوا مثلا: إن من النحاة المشهورين أبا حيان الذي كان في عهد شيخ الإسلام ابن تيمية له كتاب البحر المحيط في التفسير، شحنه بالإعراب وبالخلاف في الكلمات، كلما أتى على كلمة ذكر وجوه إعرابها، وما قيل فيها من الخلافات، وما أشبهها، فأصبح التفسير كأنه نحو؛ البحر، ومثله مختصر له يسمى: النهر، فيدل على أن الذين اشتغلوا به، وأكثروا منه فاتهم خير كثير.
فلذلك يقولون: النحو في الكلام كالملح في الطعام، أي تعلمه يقتصر منه على ما يقيم اللسان، دون التوسع فيه، فإن الملح إذا أُكْثِرَ منه أفسد الطعام، وإذا قُلِّلَ منه فسد الطعام، بل يكون بمقدار. فكذلك النحو: من لم يقرأ منه شيئا فاته علم المعاني، وكيفية النطق بالكلمات، ومن توغل فيه فاته علم كثير من علوم الشريعة، وخير الأمور أوساطها.

line-bottom